الحديث ٤٠
كراهية الضحك من السؤال
رَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ [ت٢٤١هـ] فِي «مُسْنَدِهِ»[١]، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْوَضَّاحِ، حَدَّثَنِي الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا حَنَانُ بْنُ خَارِجَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنَا عَنْ ثِيَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، أَخَلْقًا تُخْلَقُ، أَمْ نَسْجًا تُنْسَجُ؟ فَضَحِكَ بَعْضُ الْقَوْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مِمَّ تَضْحَكُونَ؟! مِنْ جَاهِلٍ يَسْأَلُ عَالِمًا؟!» ثُمَّ أَكَبَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ؟» قَالَ: هُوَ ذَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «لَا، بَلْ تَشَقَّقُ عَنْهَا ثَمَرُ الْجَنَّةِ»، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: حَنَانُ بْنُ خَارِجَةَ الذَّكْوَانِيُّ السُّلَمِيُّ الشَّامِيُّ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانٍ[٢]، وَالْهَيْثَمِيُّ[٣]، وَصَحَّحَ حَدِيثَهُ الْحَاكِمُ[٤]، وَالذَّهَبِيُّ[٥]، وَقَالَ أَحْمَدُ: «حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُلَاثَةَ الْقَاصُّ أَبُو سَهْلٍ، حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ رَافِعٍ، عَنِ الْفَرَزْدَقِ بْنِ حَنَانٍ الْقَاصِّ، قَالَ: أَلَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي، لَمْ أَنْسَهُ بَعْدُ؟ خَرَجْتُ أَنَا وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ حَيْدَةَ فِي طَرِيقِ الشَّامِ، فَمَرَرْنَا بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ»[٦]، وَيُقَالُ أَنَّهُمَا رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَلِلْحَدِيثِ طَرِيقٌ آخَرُ:
شاهد
رَوَى الطَّبَرَانِيُّ [ت٣٦٠هـ] فِي «الْمُعْجَمِ الصَّغِيرِ»[٧]، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا سُرَيْحُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثِيَابُنَا فِي الْجَنَّةِ نَنْسُجُهَا بِأَيْدِينَا؟ فَضَحِكَ الْقَوْمُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مِمَّ تَضْحَكُونَ؟! مِنْ جَاهِلٍ يَسْأَلُ عَالِمًا؟! لَا يَا أَعْرَابِيُّ، وَلَكِنَّهَا تَشَقَّقُ عَنْهَا ثِمَارُ الْجَنَّةِ».
ملاحظة
قَالَ الْمَنْصُورُ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «مِمَّ تَضْحَكُونَ؟! مِنْ جَاهِلٍ يَسْأَلُ عَالِمًا؟!» يَدُلُّ عَلَى حُسْنِ سُؤَالِ الْعَالِمِ، وَإِنْ كَانَ عَنْ شَيْءٍ يَسْتَغْرِبُهُ النَّاسُ، وَكَمْ مِنْ سُؤَالٍ يَضْحَكُونَ مِنْهُ، وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ جَوَابَهُ، وَكَمْ مِنْ سُؤَالٍ يَضْحَكُونَ مِنْهُ، وَهُوَ يَفْتَحُ عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ الْعِلْمِ!