١ . أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّالَقَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ أَنْوَارَ خُلَفَائِهِ فِي الْأَرْضِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ أَبْدَانَهُمْ، فَأَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ اسْمًا مِنْ عِنْدِهِ، ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ﴾ أَسْمَاءَهُمْ ﴿كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ﴾ وَهُمْ أَشْبَاحٌ، ﴿فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ ۖ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾[١]، يَعْنِي مَا يَكُونُ فِيهِمْ مِنَ الصِّفَاتِ الْمَرْضِيَّةِ الَّتِي يَسْتَخْلِفُهُمْ مِنْ أَجْلِهَا، وَمِنْهَا أَخَذَ أَسْمَاءَهُمْ.
٢ . أَخْبَرَنَا جُبَيْرُ بْنُ عَطَاءٍ الْخُجَنْدِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾، مَا كَانَتْ تِلْكَ الْأَسْمَاءُ؟ فَقَالَ: كَانَتْ أَسْمَاءَ خُلَفَاءِ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾[٢]، فَعَلَّمَ آدَمَ أَسْمَاءَ خُلَفَائِهِ فِي الْأَرْضِ كُلَّهَا، لِيُنْبِأَ الْمَلَائِكَةَ، فَيَعْلَمُوا أَنَّهُ لَا يَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ خَلِيفَةً، وَلَكِنْ يَجْعَلُ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءَ وَالصَّالِحِينَ، وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا، ﴿فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾، وَكَانَ الْمَهْدِيُّ وَاللَّهِ مِنْ تِلْكَ الْأَسْمَاءِ.
شرح القول:
هذا علم التأويل الذي لا يعلمه إلّا اللّه والراسخون في العلم، وفيه دلالة واضحة على فضل هذا العبد الصالح وعظم شأنه وعلوّ مقامه؛ فقد قال اللّه فيمن اصطفى من عباده: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ﴾[٣]، وقال: ﴿آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا﴾[٤]، وقال: ﴿وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ﴾[٥]، وقال: ﴿وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾[٦]، وقال: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾[٧]، وقال: ﴿نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ ۗ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾[٨].