الآية ٣٣
«إِنَّ بَيْنَ الرَّسُولِ وَأُمَّتِهِ شَهِيدَيْنِ: كِتَابَ اللَّهِ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ، وَهُوَ خَلِيفَةُ اللَّهِ فِيهِمْ بَعْدَ الرَّسُولِ»
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا ۚ قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾[١]
ملاحظات
١ . أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَتْلَانِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ الْمَنْصُورَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا ۚ قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾، فَقَالَ: شَهَادَةُ اللَّهِ كِتَابُهُ، وَإِنَّ بَيْنَ الرَّسُولِ وَأُمَّتِهِ شَهِيدَيْنِ: كِتَابَ اللَّهِ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ، وَهُوَ خَلِيفَةُ اللَّهِ فِيهِمْ بَعْدَ الرَّسُولِ، وَلَا تَعْدِمُهُمَا أُمَّتُهُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، قُلْتُ: جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ، فَقَدْ أَظْهَرْتَ لِي مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَا يُخْفُونَهُ! قَالَ: لَا يُخْفُونَهُ، وَلَكِنْ لَا يَتَدَبَّرُونَهُ، أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا[٢]! فَأَخَذَنِي الْبُكَاءُ، فَقَالَ: مَا لَكَ؟! قُلْتُ: آسَفُ عَلَى النَّاسِ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا قَوْلَكَ، وَإِنَّهُ الْحِكْمَةُ وَفَصْلُ الْخِطَابِ، وَلَوْ سَمِعُوهُ لَاهْتَدَوْا، فَقَالَ: لَا تَأْسَفْ عَلَيْهِمْ، ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ ۖ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾[٣]!
٢ . أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْقَاسِمِ وَوَلِيدُ بْنُ مَحْمُودٍ وَصَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُمْ، قَالُوا: كُنَّا جَمَاعَةً عِنْدَ الْمَنْصُورِ، فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا وَقَالَ: إِنَّ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ شَهِيدَيْنِ: كِتَابَ اللَّهِ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ، وَلَا يَكْفِيهِمْ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، وَهَذَا قَوْلُ اللَّهِ: ﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَلْ بَيَّنْتُ؟! فَدَاخَلَنَا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ لَمَّا قَالَ هَذَا، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْنَا وَقَالَ: إِنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ، لِيَكُونَا شَهِيدَيْنِ بَيْنَ الرَّسُولِ وَأُمَّتِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ رَجُلٌ مِنْ عِتْرَةِ الرَّسُولِ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهَذَا قَوْلُهُ: «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي، إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي، وَإِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ»، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ نَظْرَةً أُخْرَى فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَلْ وَفَّيْتُ؟! فَأَخَذْنَا نَرْتَعِدُ مِنْ هَيْبَتِهِ لَمَّا قَالَ هَذَا كَأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا!