ما برح الجماعات والتيّارات المختلفة في مختلف البلدان بعد مئات السنين، تعتبر كلّ منها نفسها أحقّ من غيرها تحت ذريعة ما، وتسعى أن تستحوذ على الحكومة من خلال إسقاط الآخرين![١] في حين أنّه لا أحد منها أحقّ من الآخرين، وليست الحكومة لأحد منها في الواقع. إنّما الحكومة للمهديّ، ولذلك فإنّ التنازع عليها لا طائل تحته![٢]

● مكث الأستاذ في هذه الساعة ونظر إلى السماء، ثمّ تأوّه أسفًا وقال: بالطبع هذا الواقع كبير على الذين اعتادت أذهانهم الأوهام والخرافات، وغير مفهوم لهم. إنّهم لم يكونوا أبدًا على معرفة صحيحة بقضيّة غيبة المهديّ وظهوره. إنّهم قد حسبوا المهديّ خلقًا عجيبًا غير متاح يعيش بمعزل عن المجتمع في جزيرة خضراء بين بحر أبيض منتظرًا لأن «تقتضي المصلحة» فيظهر! موجودًا غريبًا بعيدًا عن المنال لا بدّ أن يأتي بغتة من مكان مجهول لا يعرف أحد أين هو على فرس أبيض كالأبطال الأسطوريّين، فينقذ البشر ويذهب! هذه الصورة للإنسان الكامل هي صورة خياليّة وصبيانيّة للغاية. الإسلام لم يعرّف الإنسان الكامل على هذه الصورة. الإسلام لم يرفعه إلى السماء كالمسيح حتّى ينزله محمولًا على أجنحة الملائكة. الإسلام جعله في الأرض لينتفض مع الناس يدًا بيد.